س: ما هو حال السلف الصالح -رضي الله عنهم ورحمهم- في استقبال هذا الشهر العظيم؟
وكيف يكون استعداد المسلم لاغتنام هذه الليالي؟
ج: حالة السلف كما هو مدون في الكتب المروية بأسانيد الثقات عنهم؛ أنهم كانوا يسألون الله عز وجلّ أن يبلغهم رمضان قبل أن يدخل، لما يعلمون فيه من الخير العظيم والنفع العميم، ثم إذا دخل رمضان يسألون الله أن يعينهم على العمل الصالح فيه، ثم إذا انتهى يسألون الله أن يتقبله منهم كما قال الله جلَّ وعلا: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}.وكانوا يجتهدون في العمل ثم يصيبهم الهمّ بعد العمل هل يُقبل أو لا؛ وذلك لعلمهم بعظمة الله عز وجل، وعلمهم بأن الله لا يقبل إلا ما كان خالصًا لوجهه، وصوابًا على سنة رسوله من الأعمال فكانوا لا يزكُّون أنفسهم، ويخشون من أن تبطل أعمالهم، لأن الله جل وعلا يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}وكانوا يتفرغون في هذا الشهر للعبادة ويتقللون من أعمال الدنيا،وكانوا يوفرون الوقت للجلوس في بيوت الله عز وجل ويقولون: نحفظ صومنا ولا نغتاب أحدًا، ويحضرون المصاحف ويتدارسون كتاب الله عز وجل، وكانوا يحفظون أوقاته من الضياع، الليل في القيام والنهار بالصيام وتلاوة القرآن وذكر الله وأعمال الخير.
فتوى صوتية للشيخ/ صالح الفوزان –حفظه الله- (بتصرف)
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشـِّر أصحابه بمقدم هذا الشهر العظيم ويستحثهم فيه على الاجتهاد بالأعمال الصالحة من فرائض ونوافل من صلواتٍ وصدقات، وبذل معروفٍ وإحسان، وصبرٍ على طاعة الله، وعمارة نهاره بالصيام وليله بالقيام، وشَغْلِ أوقاته المباركة بالذكر والشكر والتسبيح والتهليل وتلاوة القرآن. روى الإمام أحمد في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هَذَا رَمَضَانُ قَدْ جَاءَ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ وَتُسَلْسَلُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ)) .
إن من نِعَمِ الله العظيمة على عباده أن جعل لهم مواسم متعددة للعبادات؛ تكثُر فيها الطاعات، وتُقال فيها العثرات، وتُغفر فيها الذنوب والسيئات، وتُضاعف فيها الحسنات، وتَـتَنزَّل فيها الرّحمات، وتعظم فيها الهبات،
وإن من أجلِّ هذه المواسم وأكرمها على الله شهر رمضان المبارك، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [البقرة:185] ، فيا له من شهر كريم وموسم عظيم !! شهر البركات والخيرات ، شهر الصيام والقيام ، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، شهر الجود والكرم والبذل والعطاء والمعروف والإحسان.